03 أبريل 2025

صدور بحوث المؤتمر العلمي التكريمي للأستاذ سعيد بنكراد: سلطة المعرفة ومعرفة السلطة

 

مع سعيد بنكراد... ومن أجل سعيد بنكراد...

خطوة أخرى على طريق ترسيخ ثقافة الاعتـراف

 


مثلت بدايات الثمانيات -وما أعقبها- لـحظة مشرقة في تاريخ الحقل الجامعي المغربي، لأنها عرفت الانطلاقة الأكاديمية الفعلية لأقطاب كثيـرة، تحفزها رغبة أكيدة في توسعة الـخارطة الجامعية بالمغرب الحديث، بعد أن كانت مقتصرة على مدينتـي الرباط وفاس،  لكن أيضا بطموح كبيـر وأحلام واعدة بالنـهوض العلمي والثقافي، وحرص سياسي واضح - و ضروري، بمعنـى طبيعي- على خلق توزان مجالي في العرض الجامعي، وهو ما تعزز وتقوى بالعودة اللافتة لعديد من الباحثيـن الشباب المغاربة الذين وَلَّوا شغفهم العلمي شطر كبـريات الجامعات الغربية، وفتحت أمامهم أبواب الكليات والمعاهد العليا للتدريس والبحث فيها، وللإسهام في تكوين أجيال من الطالبات والطلبة بنقل خبـراتهم العلمية لهم، وتطوير أنشطتهم التربوية في ظلال شغبـهم الطلابي وتعطشهم المعرفي...


          من ثمة، كانت الجامعة المغربية مدينة في كثيـر من منجزاتها إلى هذا الرعيل الأول المؤسس في بدايات الثمانينات، ولم يكن، والأمر كذلك، أن يختار عبثا أو مصادفة مختبـر تحليل الخطاب وأنساق المعارف - مباشرة بعد اعتماده الأكاديمي- الوقوف مع رواد تلك المرحلة وأعلامـها ليكشف – ويوثق في آن واحد- طبيعة جـهودهم ونوعية اجتـهاداتهم، لاسيما في مجال علوم اللسان والإنسان التـي عرفت وقتئذ طَفْرَةً نظرية ومنـهـجية كبيـرة في الغرب، أدت إلى اتساع مجالاتها وتعدد أسئلتـها وتنامي مشاريعـها، فكانت البداية أولا مع اللساني والـمتـرجم المغربي الكبيـر الأستاذ الدكتور محمد بن الرافه البكري الذي خصص له الـمختبـر أول مؤتمر تكريمي له، وهو مؤتمر تمت فيه استعادة : ده صوسير من جديد لـمساءلة مشروعه اللساني بعد مائة عام من الغياب، والتحقق من جملة الطروحات والأفكار التـي دارت حول محاضراته في اللسانيات العامة، ولبيان كيفية إسهام جامـعي مغربي في الإحاطة بفكره ومنجزه بالرغم من كل ما شاب تلك المحاضرات العامة من عيوب أفقدت كثيـرا من خلاصاتها الصِّدْقِيَةَ.

ولئـن كان المختبـر قد أصدر أشغال ذلك المؤتمر في كتاب بعنوان: العودة إلى سوسير عام 2017، وحاز بذلك سبقا أكاديميا وعلميا اعتـرف له به عربيا وعالميا، فقد كان المؤتمر في ذاته عودة عبـرت من فكر صوسير ومنجزه، ومن إسهام الأستاذ محمد البكري الذي أمضى حوالي ربع قرن في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش يحذر من منـزلق التركيـز على طروحاته اللسانية، وإغفال تصوراته الدلائلية ونظراته السيميائية، وهو ما شكل موضوع محاضراته ومؤلفاته وترجماته طيلة تلك الـمدة.

وترسيخا لقيمة العودة إلى الأصول وضرورة تجديد النظر فيـها، وتأكيدا للأهمية العلمية والمنهجية للانتقال من اللساني إلى الدلائلي، مع ضرورة الوعي بمجمل التنويعات والجهود النظرية والتطبيقية المصاحبة لها، اختار مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف أن يتولى تقديم المحاضرة الافتتاحية للمؤتمر التكريمي للأستاذ محمد بن الرافة البكري: "ده صوسير بعد مائة عام من الغياب" صبيحة يوم 13 أبريل 2017 زميله ورفيقه السيميائي المغربي العربي الكبيـر الأستاذ سعيد بنكراد، وذلك لأن الرجليـن معا منشغلان بالمجال نفسه، وأن كل واحد منهما ينظر إليه من ضفة وزاوية مغايرتيـن: إذ يعنـى الأستاذ البكري بالنظر إليه من خـلال الـمدرسة الصوسيـرية، بينما انشغل الأستاذ سعيد بنكراد بمقاربته من زاوية المدرسة الأمريكية كما تحددت مع شارل صاندرس پورس.

وبقدر ما كانت الـمحاضرة مناسبة للوقوف تحت الظلال الوارفة لقمتيـن علميتيـن بالدرس الأكاديمـي الـمغربي الـحديث، وفرصة للعودة إلى قامتيـن علميتيـن كبيرتيـن في حـقل الدلائليات (السيميائيات)، مثلت كذلك لـحظة للعبور... والنظر... وتجديد السؤال...




وحرصا على تعميق النظر ومزيد فحص الأسئلة والتحديات التـي تواجه الذات أثناء تدلالها، أي في سعـيـها لإنتاج "المعنـى والدلالة"، أعلن المختبـر بعد انتهاء أشغال مؤتمره أنه يستعد  لتنظيم مؤتمر تكريمـي للأستاذ سعيد بنكراد، موضوعه: سلطة المعرفة ومعرفة السلطة، وذلك يومي 21-22 دجنبـر 2017؛ وفيه أُسنِدَت للدكتور محمد البكري إدارة جلسته الافتتاحية التـي تمفصلت علـى موضوع: السيميائيات وقضايا التأويل، تعميقا للنقاش وتمديدا وتدقيقا له...



 بينما دارات مداخلات المؤتمرين حول إسهام الرجل في تطوير الدرس السيميائي في الـجامعة المغربية خاصة والعربية عامة.



والـحقيقة أن الـحديث عن الأستاذ سعيد بنكراد وتخصيص لـحظة احتفائية بمنجزه العلمـي الكبير ليس بالأمر الـهيِّـن؛ لأن اسم الرجل تأسس  سلطة معرفية في ربوع العالم العربي، وذلك عبـر عديد الدراسات والأبحاث التي أنتجها مفتشا فيها ومن خـلالها عن أنساق ومعاني ودلالات السلطة بمختلف تنويعاتها: الدينية والسياسية والثقافية والأسلوبية والإشهارية والسردية – التخييلية، مضافا إليها أنساق الأهواء والغواية. وقد انخرط في هذا المسعى مسلـحا بتجربة سياسية ونقابية غنية، وبتكوين معرفي رصيـن وعميق تام البـهاء والوضوح؛ واعتبارا لذلك، يوائم القول إن سعيد بنكراد عاش حياة حافلة ومثمرة في الممر بين العلم والسياسة، بين المعرفة والسلطة؛ إذ أخذت مشاغله واهتماماته في الانبناء بوصفها مشروعا أصليا داخل الـحركة التلاميذية، ثم صقلتـها التجربة في صفوف الـحركة الطلابية وتحت بيارق اليسار المغربي الـجديد التـي لم تكد ترتفع عاليا حتـى طوتها السلطة فـي الزنازن أو طوحت بها صوب الـمنافي القسرية والاختيارية.

وفوق أراضـي مونتيسكيو وديدرو وڤولتيـر، تكلل المشروع الأصلي بأسئلة الأنوار والتنوير والتسامح والـحداثة والتقدم، وغيرها من القيم النبيلة التـي عاش سعيد بنكراد من أجلها ودفاعا عنها عبر مسالك وبطرائق وعرة، لكنها أكثـر نبلا: مسالك العلم والمعرفة. وفي هذه المسالك عَبَـرَ وعَبَـرَتْهُ طائفة من الأسماء- الرموز التي صار رمزا لها وصارت هي أسماء له: فولتير، دافيد فيكتوروف، أمبرتو إيكو، ميشيل فوكو، بيرنار كاتولا، غي غوتييه، ألجيرادس جوليان كريماص، فونتيني، پول ريكور، جان مولينو، فرانسوا راستييه، أو ليڤيـي روبول... وغيرهم كثيـر. 



ناضل سعيد بنكراد وساجل وجادل وناظر وحاضر وكتب وترجم، ضمن الـحدود الرحبة والمتحركة التي أتاحها له سَمْتُهُ Habitus النقابي – السياسـي ورأسماله الـمعرفي- العلمـي الأكاديمـي. وفي جميع صيغ سعيد بنكراد تلك، ظلت الـمعاني تتوهـج دافقة رقراقة في جداول التأويل السيميائي، من معنـى الـجنون والهيام إلى دلالة التسامح في الأديان، عبـر الفسحة في غابات السرد وأدغاله الرمزية؛ ومن معاني الشـخصية في الرواية إلى دلالات الإشهار والأهواء والغواية؛ ومن فحولة السرود النسائية المستـرجلة إلى إكراهات الـحـجاب الذكورية العاجلة والآجلة، عبـر مختلف ساحات المعاني وأنساق الدلالات التي لا تنتهـي...



لذلك، ولغيـره مما يمتنع عن الحصر من  الاعتبارات،  جـاء تكريم الأستاذ سعيد بنكراد، وهو التكريم الذي لم ينشد به فحسب مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف تثميـن الـجهود والاحتفاء بها، بل قصد به أيضا كشف جانب مشرق في تاريخ الجامعة المغربية شيده رجال ذوو كفاءة علمية وقيمة أخلاقية أخصلوا السيـرة بنظيف السريرة ... فعادوا إلى بلادهم بعد سنوات من الغربة محمليـن ببيارق العلم لينيـروا بها العقول... والأفئدة... والدروب...



واعترافا للأستاذ سعيد بنكراد بكل ما أسداه... واعتزازا به وبجليل علمه ورفيع أخلاقه ومواقفه ، نسعد اليوم بإعلان صدور البحوث العلمية المحكمة للمؤتمر التكريمي الذي نظم احتفاء به ، ضمن كتاب من الحجم الكبير (400 صفحة)، أشرف على إعداده وتنسيقه أ.د. عبد الجليل بن محمد الأزدي رئيس المؤتمر والمشرف العام على الأنشطة العلمية والثقافية للمختبر وأ.د. يوسف الإدريسي المدير السابق للمختبر (من 2017 إلى صيف 2021 )؛ وتضمن الكتاب البحوث العلمية المحكمة للمؤتمر التي شارك بها ثلة من الباحثين المرموقين في مختلف الجامعات العربية: من المغرب والجزائر وتونس ومصر وفلسطين والسعودية والأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، شاكرين في مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف للأستاذ الكريم سعيد بنكراد جميل موافقته وحضوره بيننا، ومقدرين للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين المشاركين كريم إسهامهم في إنجاح المؤتمر، وممتنين لعالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع – إربد- الأردن في شخص مديرها الفاضل الأستاذ بلال عبيدات وابنه البار الدكتور أحمد عبيدات على جميل ثقتهم ... وكريم احتضانهم للمشروع العلمـي والأكاديمـي لمختبـر تحليل الـخطاب وأنساق المعارف، ودعمهم الجميل لنتاجاته وتفضلهم بنشرها في مؤسستـهم العتيدة والرائدة .



                                                                                                                                                                                    


                                                                                                                                                                           مراكش 03 أبريـل 2025

                                                                                                                                                                                            عن المختبر


02 أبريل 2025

صدور بحوث المؤتمر الدولي: ترجمة اللسانيات ولسانيات الترجمة في الوطن العربي

 

على العهد نسير...



التزاما بالـخط الأكاديمي لمختبـر تحليل الخطاب وأنساق المعارف في ترسيخ ثقافة الاعتراف بتثمين جهود الرواد المؤسسين للدرس الجامعي، واستكمالا لمشروعه العلمي والثقافي الذي أعلنه منذ اعتماده الأكاديمي والعلمي ربيع 2017، أصدر أشغال المؤتمر العلمي الدولي التكريمي للأستاذ مصطفى غلفان بعنوان: ترجمة اللسانيات ولسانيات الترجمة في الوطن العربي، وذلك في كتاب علمي تضمن البحوث والمداخلات العلمية التي تقدم بها ثلة من الأساتذة الباحثين في المؤتمر المنعقد بجامعة القاضي عياض - كلية الآداب والعلوم الإنسانية - مراكش  أيام 27 – 28 شباط/ فبراير 2018 . وقد صدر الكتاب بالحجم الكبير وفي 564 صفحة عن مؤسسة: عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع – إربد – الأردن في طبعته الأولى، بإشراف وتنسيق الأستاذ : د. عبد الجليل بن محمد الأزدي، والأستاذ: د. امحمد الملاخ.

في مستهل الكتاب نقرأ عن سياق تنظيم المؤتمر العلمي وإصدار الكتاب الأكاديمي في كلمة خطها أ.د. عبد الجليل بن محمد الأزدي رئيس المؤتمر التكريمي وأ.د.يوسف الإدريسي المدير السابق للمختبر الذي تولى تسييره وإداراته من عام 2017 إلى صيف 2021، مما جاء فيها: « (...) منذ زمن برج بابل، وصولا إلى أزمنة صعود البنيوية وانتصارها الظافر، ظلت العلاقة بين اللسانيات والترجمة طبيعية، أي ضرورية، لكنها اتشحت دوما بوشاح إشكالي. ويبدو اليوم أن العلاقة هذه ما تزال سؤالا إبستمولوجيا ذا اهمية علمية من الدرجة الأولى، وهو سؤال يتطلب المزيد من التمحيص والنقاش مهما كانت طبيعة التصور الذي يشكل منطلقا، ومهما كانت طبيعة النتائج التي تلوح من هذا المنطلق أفقا؛ وسواء وقع تصور السؤال في إطار تجاور حقليـن معرفييـن يدعم أحدهما الآخر ويقدم له علبة أدوات العمل؛ أم تم تصوره كما لو أن هذين الحقلين المعرفيين يقودان إلى بعضهما بالتبادل، فالبحث في هذا الموضوع وإفراد كتاب خاص به يكتسي قيمة كبيرة بل وضرورية أكثر من أي وقت مضى في ظلال التطورات المتلاحقة للبحث العلمي ضمن هذا المضمار بفعل الآثار الحاسمة للمعلوميات والتقانيات الحاسوبية في استثمار الظاهرات اللغوية واللسانية واستقصائها. وضمن الآفاق العلمية المبتغاة من هذا الكتاب، تستعلن جملة أسئلة جوهرية لا مندوحة عنها وغير نهائية، أبرزها: ما التحديدات الخاصة بحقلي الترجمة واللسانيات؟ ما صلات القرابة أو علاقات التداخل بين خطابات اللسانيات وعلم الترجمة؟ وما خصوصيات الخطابات حول اللسانيات وبصدد الترجمة كذلك؟ ما طبيعة الممارسة اللغوية في فعل الترجمة؟ وهل بإمكان التنظير اللساني دمج تأويل الظاهرات اللغوية؟ ما ممكنات اللسانيات المجهزة بترسانة التقانيات في المساهمة ضمن مدار البحث الترجمـي بمستوييه النظري والعملي؟ ما طبيعة التمفصلات بين ممارسة الترجمة والتنظيـر العلمي للفعل الترجمي؟

 تتشافع مع الغايات العلمية لهذا الكتاب مرامي إنسانية متجذرة بقوة ورسوخ في ثقافة الاعتراف؛ إذ يرمي إلى تكريم الزميل الأستاذ مصطفى غلفان الذي بصم البحث اللساني بالمغرب والوطن العربي قاطبة خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وكان من الأوائل الذين وَطَّنوا الدرس اللساني الحديث بالجامعة المغربية من خلال دراسات وبحوث تتمفصل على ثلاث موضوعات كبرى: اللسانيات الصوسيرية وما خرج من معطفها مُعمَّدا تحت ألوية اللسانيات البنيوية؛ اللسانيات التوليدية وما قامت عليه من أسس نظرية ومنهجية وأجهزة مفاهيمية؛ حفريات في نشأة اللسانيات العربية الحديثة وتكونها والأسئلة المنهجية التي رافقتها في تطورها الشامل وعِثارِها الأكيد... »



واليوم إذ نزف للمشاركين في المؤتمر ولعموم الباحثين والمهتمين خبر صدور كتاب المؤتمر الدولي التكريمي للأستاذ الدكتور مصطفى غلفان، نعلن -بغير قليل من السعادة والشرف- أنه يأتي ليُتِمَّ أمرا كان مفعولا ... ولو كره الكارهون ... مستكملا بذلك مسارا أردناه مذ تأسيس مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف لائقا بقيمة تضحيات رجال صدقوا ما عاهدوا العلم وطلابهم عليه وما بدلوا تبديلا... وهو مسار بدأناه بإصدار كتاب: العودة الى سوسير الذي تضمن أشغال المؤتمر الدولي التكريمي الذي نظمه المختبر تكريما للأستاذ الدكتور محمد البكري بعنوان: دي سوسير بعد مائة عام على الغياب، وكتاب النبع والشجرة المهدى إلى الدكتور محمد البكري من تأليف أ.د. عبد الجليل الأزدي، وأ.د.مولاي يوسف الإدريسي، وكتاب: المعرفة والسلطة الدولة والثقافة والديمقراطية من تأليف الأستاذ: د.عبد الجليل بن محمد الأزدي، ومن إصدار المختبر، هذا فضلا عن منارات القاضي عياض التي ضمت المحاضرات الأولى للرعيل المؤسس للدرس الجامعي في اللغة والأدب بجامعة القاضي عياض.

وسيرا على النهج المعلن في حفل التأسيس وانطلاقته الأولى برحاب كلية الآداب بمراكش مع بزوغ ربيع 2017، يعلن مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف، استمراره الراسخ والتزامه الأكيد بمواصلة توثيق وتسجيل أيامه الثقافية ومحطاته العلمية والأكاديمية التي سطرها بمداد من الفخر والاعتزاز، وذلك بإصدار أشغال المؤتمرات التي أشرف على تنظيمها اعترافا بالفضل لذويه... وتثمينا واحتفاء بجليل علمهم ... وجميل تضحياتهم في زمن جامعي فريد ... واستثنائي...



وبهذه المناسبة السعيدة نزجل الشكر كل الشكر للكرام المكرمين الذين أفاضوا علينا -بسمتهم الأخلاقي الرفيع وبسابغ علمهم الجليل- عنايتهم الجليلة، فوافقوا على تنظيم مؤتمرات احتفائية بهم وبجهودهم العلمية الجليلة... كما نشكر كل الأفاضل من الأساتذة الباحثين والمفكرين الألمعيين الذين شاركونا ببحوثهم القيمة والدقيقة في إنجاح تلك المؤتمرات... والشكر كل الشكر للكريم وابنه النبيل الأستاذ بلال عبيدات والدكتور أحمد عبيدات على جميل ثقتهم ... وكريم احتضانهم للمشروع العلمي والأكاديمي لمختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف، ودعمهم الجميل لنتاجاته وتفضلهم بنشرها في مؤسستهم العتيدة والرائدة عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع – إربد – الأردن...

 

مراكش – فاتح أبريل 2025

                                                                                                                               عن المختبر






18 مارس 2022

أسئلة الرواية وأسئلة النقد- مؤتمر دولي تكريمي للمبدعة والناقدة يمنى العيد

 

مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف ينظم مؤتمرا دوليا في موضوع:
أسئلة الرواية العربية وأسئلة النقد تكريما للأستاذة يمنى العيد، وذلك يومي 13-14 يونيو 2022،
يقترح المؤتمر الراهن الاشتغال علی متن روائي متعدد ومنسجم، قوامه ما أسهم به كتاب عرب على درب الإنتاج الروائي المتخيل، وإلقاء بعض الإضاءة النيرة والمنيرة عليه، وبين الحين والآخر، على ما دبجته يمين الروائيين العرب في حقل الممارسة النظرية المفهومية من تصريحات وحوارات وكتابات غير روائية، سياسية أو نقدية.
ومن مساحة هذا الاعتبار، يوائم التشديد على الطبيعة المتنوعة للمداخلات. إذ يسعى المؤتمر إلى اقتراح دراسات تفصيلية للرواية العربية التي تتوفر على قوة تمثيلية خاصة بما هي كون متخيل متميز داخل حقل الممارسة الأدبية العربية الحديثة. وعلاوة على الطابع التفصيلي المطلوب في القراءات، فمطلوب كذلك أن تمتلك قيمة كيفية ونوعية طموحة لأن تكون عالية جداً، لأن العمل القرائي الذي يستلزمه خطاب الرواية دقيق للغاية ومفعم بالحيوية ونتائجه قليلة التجريد وكثيرة المصدوقية. وذلك على النقيض تماماً من بعض الدراسات الكمية الخاصة بحقل الكتابة الروائية، التي عرفها المجال الثقافي العربي الحديث والمعاصر، والتي تستخلص نتائج عامة من مجموعة مترامية الأطراف من الممارسات الروائية، بل إنها تخطط أحياناً النتائج، فتلوي أعناق المتن الروائي صوب تلك النتائج الموجودة سلفاً. ويكفي أن يتذكر المرء ما كتب في الستينيات والسبعينيات بالمغرب؛ إذ إن النماذج الأكاديمية المثقلة بصابورة الحصول على نياشين الرتب الجامعية، كافية لمعرفة الفارق بين الكيفي والكمـي في دراسة الخطاب الروائي وقراءته ومطارحة أسئلته. ومن نافل القول إن القراءات المرغوبة يمكنها أن تجوب فضاءات العديد من النصوص الروائية العربية، وتتوكأ على منهج تلتزم به ولاتحيد عنه بالرغم من صفة الانفتاح التي قد تشي بها عبر مقارنة هذه النصوص بالمنجز الروائي العالمي. ومن المحتمل أن المنهج يشير هنا إلى أشكال من الممارسة النقدية لا تتوقف عن الذهاب والإياب بين النص الروائي والمرجع الخارجي، أو تبحث عن طبيعة حضور المرجع الواقعي في بنية التخييل الروائي، ضمن شكل من النقد عنوانه: النقد الاجتماعي La Sociocritique.
وفي سبيل وضوح ضروري، يوائم التنبيه على أن شكل النقد هذا ليس من سِنْخِ ما تم ابتذاله تحت عنوان علم اجتماع الأدب، كما ليس من جنس البنيوية التكوينية التي رفع ألويتها عالياً كثيـر من الدارسين والنقاد في شرق المتوسط وغربه، وإنما يتحدد في قراءة نظام المجتمع داخل نظام النص الروائي. وبهذا المعنى، تستقر القراءة النقدية داخل اللغة الروائية وتلبث فيها وتحرص على منحها سلطة الكلمة في المقام الأول. ويدل هذا عملياً على تحرير لغة النقد من التجريدات الشكلانية، وإرسالها طليقة لاستكشاف ما يقوم داخل المتن الروائي من آثار شروط إنتاجه المجتمعية التاريخية، وما ينهض داخله من توترات وصراعات إيدلوجية هي في المحصلة وليدة مختلف لحظات الصراع الطبقي في المجتمع الذي أنتج الروائيين العرب وكتاباتهم.
تبدأ القراءة من بنية النصوص الروائية وتنعطف نحو نسق رؤيتها الإجتماعية، دون أن تغادر بنية النصوص، أو لنقل إنها تقرأ بنية الرؤية الاجتماعية داخل بنية النص الروائي، وتنتهي إلى إضاءة بنية الأنساق الفكرية بقيمها المهيمنة ووعيها بالمعنى الكوني وبولادة المختلف، وفي تأثيثها لفضاء الاختلاف والإخلاف الذي يتربع فيه تشكيلها الجمالي للواقع العربي. القراءة هنا وصف لخطاب الرواية، شكل من أركيولوجيا الخطاب بالمعنى الذي منحه ميشيل فوكو للمصطلح، لكن مع الإحالة إلى المرجع الواقعي وإلى القواعد النصية أو الأرشيف بلغة فوكو مجددا، أي القواعد التي تحكمت داخل الثقافة العربية في فترات محددة في إنتاج صيغ من الخطاب الروائي تستفيد من المنجز العالمي، تمتصه وتحاوره وتحوله وتغنيه، في سعيها لتشكيل الواقع العربي جماليا، إذ تحمل هذا الواقع من واقعيته وتضعه على مستوى التعبير. تنقله من ماديته وتصوغه في لغة التخييل.
و بين مبتدى القراءة ومنتهاها، تشتغل على الخطاب الروائي أولاً وقبل كل شيء اشتغالاً مُحايثا Immanent ، طالما أنها تستثمر لحسابها الخاص وبلغتها الخاصة كذلك مفهوم الخطاب وما حفَّ به وتنافذ معه من مصطلحات ومفاهيم يعرف الجميع أنها من منجزات ما بعد لسانيات فردنن ده صوسیر. وتراهن القراءة فی محایثتها الحاذقة علی ما یشتغل داخل النص، أي العلاقة مع العالم والواقع، وذلك في أفق المصادقة على أن الإنتاج الروائي ممارسة مجتمعية وإنتاج أدلوجي طالما أنه صيرورة جمالية بامتياز، أي صيرورة لا تهیکل أحداثاً سابقة الوجود ولا تمثل أو تعكس الواقع المجتمعي.
وفي هذا السياق، يفهم إصرار المؤتمر الراهن على أن تتمفصل موائده في قراءات تضيء حضور الرواية العربية في العالم ضمن تميزها الجمالي وقيمتها النصية. وانطلاقا من ذلك، یوائم توصیفها استباقا بالخصوصیات المعلنة علی النحو الآتي:
أولا: توظيف مصطلح التشكيل الجمالي باعتباره مكوناً عضوياً ضمن التحليل النصي الاجتماعي للرواية العربية.
ثانيا. توجيه البحث الاجتماعي التاريخي من الخارج نحو الداخل، أي صوب التنظيم الداخلي للمتن الروائي وأنساق اشتغاله وشبكات معانية وتواترها.
ثالثاً: الابتعاد عن الشعريات التي تلغي الاجتماعي أو لا تدرجه ضمن جدول أعمالها، والابتعاد في الوقت ذاته عن سياسة المضامين التي تهمل التنصيص La textualité والتَمَيُّـز الجمالي للخطاب الروائي.
رابعا: إنجاز قراءة اجتماعية تفتح النص الروائي من الداخل وتنتج فضاء صراعياً يرتطم فيه المشروع الروائي بحجم ما كان موجوداً من قبل وبإرغامات ما أُنجِزَ سلفا وبالشفرات المجتمعية الثقافية وبمقتضيات الطلب المجتمعي وبالأجهزة المؤسسية الإيديولوجية. وبهذا المعنى، تكف كلمات الموهبة والعبقرية والإبداع عن الاشتغال لتتـرك المكان لمفهوم الإنتاج الروائي، وهو مفهوم قريب ممّا صاغته الثقافة العربية الإسلامية في مصطلح الصناعة.
وبالمعنی نفسه لا يعود الروائي العربي وجوداً فردياً أو كائنا سماويا، وإنما يبدو علاقة ضمن جملة العلاقات المجتمعية. وهذا أكيد، طالما أن الرواية لا سماء لها ولا توحي بها شياطين وادي عبقر، بل تأتي من وديان الواقع والمجتمع و ِهادِهِما، أي من نثر الحياة اليومية.
يستدعي الاقتراب من هذه القراءات المطلوبة بمواصفاتها السابقة الالتفات إلى ما هو لافت فيها، أقصد اللغة التي صيغت بها. اللغة التي تبغي إعادة إنتاج الأعماق المستوطنة في جذور الكون الروائي الخيالي الذي صنعته أنامل الروائيين العرب وأنتجته. ومن ثمة، تمتاح من الأهمية المركزية للنظر الذي يطمح أن يكون ثاقبا ومشاركاً ومتعاونا. يتحد فيه فعل النظر وفعل القراءة، ويتوحد الناظر في الخطاب الروائي بالناقد الذي يتابع بالبصر والبصيرة مكونات النصوص وأنساقها الجمالية والفكرية والاجتماعية، يتأملها ويَعْبُرُها ويجتازها ويحيط بها، وباختصار ينظر فيها. وهذا الشكل الخاص من النظر يمنح القراءة بعداً إضافياً قوامه التأمّل الشامل الذي لا يدّخر أي حاسة من الحواس المعهود منها تحت الرقم خمسة وما هو منها غير معهود. إن التأمل إيضاح رائع لمجهود ذكاء يرفع تدريجيا أشرعته للانبعاث صوب الوضوح. يرفل التأمل بمعاني حضور القارئ le lisant في المتن الروائي، وتصير القراءة إلى ما يتاخم التلذذ الشبقي بالرواية ومكابدة تجاربها الأولية وتـذوق متعها ونكهات موضوعاتها. وفي ملاقي القراءة والتأمل والشبق تحضر الذاتية دون أن تغيب القواعد المنهجية أو تهزم المقاييس العلمية في نسبيتها الشاملة. وهنا تستعلن القراءة أمرا شبيها بالحب ونظيرا له.
ومهما استطالت جلسات المؤتمر ومداخلاته، فلن تقدم- ولن تدعي أنها ستقدم- الصورة الشاملة والنهائية والمطلقة لصيغ تشكيل خطاب الرواية العربية للواقع الذي سعت إلى التقاط نبضه، وإنما تقنع وتعترف مسبقا بحدودها النسبية، لأن المطلق لاوجود له في التاريخ. وتقر بالتوازي مع ذلك أنها محاولة في فهم أصوات روائية تكلمت بهدوء وضربت بقوة زحزحت قليلا الواقع والكتابة في آن معا. لاتبتعد الكتابة إلا لتقترب، ولاتتسامق في مستويات التشكيل الجمالي إلا لتعود أدراجها إلى نسيج السرد ونشيج لغة الواقع والحزن والإحباط والاعتقال والنفي والموت والحزن. وفي حزن كل يوم، وحداد كل يوم، تنكتب الكتابة الروائية أو تطمح لأن تكون كتابة كي يتوقف هذا الحزن اليومي عن أن يكون قابلا للقبول.
ولعل ورقة العمل هذه قد تشـي ببعض ما أنجزته الأستاذة حكمت صباغ الحكيم– يمنى العيد التي عكفت على امتداد أكثر من أربعة عقود على طرح أسئلة الرواية العربية ومقاربة أسئلة النقد في الثقافة العربية، والتي يريد هذا المؤتمر أن يكون تكريما لها ولمنجزها العلمي الذي يشكل رأسمالا رمزيا نعتز باستلهام الكثير من مقتضياته ومقترحاته؛ وهي المقتضيات والمقترحات التي تقع ضمن خط من التفكير تربطه الكثير من الجسور مع الشهيدين: حسين مروة ومهدي عامل.
و لدت يمنى العيد في صيدا جنوب لبنان عام 1935. حازت شهادة الإجازة والماستر في الجامعة اللبنانية، ثم شهادة الدكتوراه في الأدب من جامعة السوربون عام 1977. تفرغت للتعليم العالي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية إلى حين تقاعدها عام 1999. كما اشتغلت أستاذة زائرة في جامعة السوربون، وجامعة صنعاء، ومركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية في صنعاء.
شاركتْ يمنى العيد في ندوات ومؤتمرات عديدة. و انتسبت في بدايات حياتها الثقافية والفكرية إلى الحزب الشيوعي اللبناني، وهي كذلك عضوة في: اتحاد الكتاب اللبنانيين، اتحاد الكتَّاب العرب، المجلس الثقافي اللبناني الجنوبي، المركز الثقافي للبحوث والتوثيق في صيدا، جمعية الكاتب والكتاب في بيروت، مركز مهدي عامل الثقافي، و هي عضوة في هيئة تحرير العديد من المجلات الأدبية العربية. ورئيسة لأكثر من لجنة تحكيم منها جائزة البوكر للرواية العربية.
وإذ نعلن عن هذا المؤتمر التكريمي للأستاذة يمنى العيد، فذلك تقديرا لجهودها العلمية عبر أكثر من أربعة عقود من الكتابة والتأليف في النص الأدبي العربي، إذ قدمت عشرات الدراسات والأبحاث المتخصصة في النقد الأدبي والنقد المقارن والتوثيق الأدبي والمقاربات التاريخية وغيرها.
تنطق سيرة العيد بحكاية جهد مؤسسي قادته بمفردها، وتوجته بسلسلة جوائز وتكريمات عربية ودولية، إذ نالت جائزة مؤسسة العويس الثقافية لعام 1992-1993، في حقل الأبحاث الأدبية والنقدية، وقدمت للمثقفين والنقاد والقراء العرب رأسمالا رمزيا أكثر من محترم في حقل القوة الذي ندعوه حقل النقد الأدبي. وعناوينه: أمين الريحاني: رحَّالة العرب( 1970)، قاسم أمين: إصلاح قوامه المرأة (1970)، ممارسات في النقد الأدبي (1973)، الدلالة الاجتماعية لحركة الأدب الرومانتيكي (1979)، قضايا في الثقافة والديموقراطية (1980)، في معرفة النص (1983)، الراوي- الموقع والشكل (1986)، في القول الشعري (1987)، الماركسية وفلسفة اللغة لميخائيل باختين (ترجمة بالاشتراك مع الزميل محمد البكري)، تقنيات السرد الروائي (1990)، الكتابة تحول في التحول، مقاربة للكتابة الأدبية في زمن الحرب اللبنانية (1993)، فن الرواية العربية بين خصوصية الحكاية وتميز الخطاب (1998) في النفاق الإسرائيلي: قراءة في المشهد والخطاب (2003)،النص المفتوح – دراسة في شعر عبد العزيز المقالح (2003)، في مفاهيم النقد وحركة الثقافة العربية (2005)، أرق الروح (2013)، زمن المتاهة (2015)، في تاريخ النقد وسؤال الثقافة العربية(2017)، رهانات الخطاب النقدي العربي(حوار مع يمنى العيد)(2017)... هذا علاوة على عديد المقالات والمداخلات التي نشرتها في منابر ثقافية متميزة: مواقف، الكرمل، كلمات، أدب ونقد، شؤون أدبية، قضايا وشهادات، الآداب، الطريق...
وحين حازت الأستاذة يمنى العيد جائزة سلطان العويس للنقد الأدبي عام 1993، سوّغت اللجنة قرار الفوز على النحو الآتي: "أعمال الدكتورة يمنى العيد في مجملها تفصح عن وعي متميز لمناهج النقد الحديثة، وحرص واضح على الملاءمة بين النظرية والنص العربي مع اقتصاد في استخدام المصطلح؛ لذلك فنقدها يتضمن الكثير من النظر الشخصي والعناية بعناصر النص الأدبي المتكاملة إلى جانب الإشارات غير المسرفة التي تقدم الأسس النظرية للقارئ العربي؛ و بهذا المنهج الذي يجمع بين النظرية والتطبيق الواعي ويلتفت إلى كثير من نصوص الإبداع في الوطن العربي يتحقق للدكتورة يمنى العيد تميز واضح في المجال النقدي".
وبخصوص اختيار يمنى العيد شخصية العام الثقافية في الشارقة الدولي للكتاب (2019)، قال رئيس هيئة الشارقة للكتاب: "الاحتفاء بعقول الثقافة العربية وأدبائها ورموزها، جزء أصيل ومحوري من جهود معرض الشارقة الدولي للكتاب، فهو لم يكن يوما معرضا لتقديم جديد الإصدارات العربية والعالمية وحسب، إنما ظل منذ انطلاقه،(...) مشروعا ثقافيا كبيرا يعمل للنهوض بواقع الثقافة العربية، وبناء جسور تواصل متينة بينها وبين العالم، وفتح أفق الفكر والإبداع والفن أمام الأجيال الجديدة لتكمل مسيرة المفكرين والروائيين والشعراء والعلماء الرواد في الحضارة العربية".
وأضاف: "من حق القامات الأدبية الرفيعة والرصينة علينا أن نحتفي بمجهودها وإنجازاتها (...) والدكتورة يمنى العيد قامة أدبية أغنت طوال أكثر من أربعين عاما المكتبة العربية بمؤلفات أدبية ونقدية، ونجحت خلال مشروعها المعرفي أن تكون أحد المؤثرين الفاعلين في دراسة الأدب العربي، لهذا نجدد التزامنا وواجبنا من خلال استضافتها شخصية العام الثقافية على المعرض، تجاه المثقفين العرب ورموزه".
واعتبارا للسابق، تقترح اللجنة العلمية للمؤتمر أن تنخرط المداخلات في واحد من المحاور الآتية:
1. قراءات في مشروع يمنى العيد أو في واحد من مصنفاتها.
2. قراءات في نصوص روائية عربية.
3. أسئلة الخطاب الروائي العربي.
4. أسئلة النقد الروائي العربي.
رئيس المؤتمر: أ. د. عبد الجليل بن محمد الأزدي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية- مراكش
رئيس اللجنة التنظيمية: أ.د.الرحالي الرضواني
مدير مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف
منسق اللجنة العلمية: أ.د. يوسف الإدريسي
قسم اللغة العربية – كلية الآداب والعلوم- جامعة قطر – الدوحة
أعضاء اللجنة العلمية (ترتيب الأسماء لا يتضمن أي حكم قيمة):
أ. خالدة سعيد، ناقدة، سورية – لبنان.
د. عيسى مخلوف، كاتب لبناني- باريس
أ.د. محمد البكري، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الدار البيضاء- المغرب.
أ.د. عمر حلي، رئيس جامعة ابن زهر قبلا- مستشار المدير للإسيسكو لاتحاد جامعات العالم الإسلامي- الرباط-المغرب
أ.د. عبد اللطيف محفوظ، روائي وأستاذ باحث- كلية الآداب - الدار البيضاء – المغرب
أ. جلال برجس، روائي – الأردن
أ.د. زهير محمود عبيدات، كلية الآداب- الجامعة الهاشمية- الأردن
أ.د. جمال مقابلة، كلية الآداب – جامعتي الإمارات والهاشمية
أ.د. أحمد عفيفي، كلية دار العلوم – جامعة القاهر- مصر
أ.د محمد الخبو، كلية الآداب والعلوم الإنسانية- الصفاقس- تونس
أ.د. عبد الله البهلول، كلية الآداب والعلوم الإنسانية- القيروان- تونس
أ.د. رضى بنحميد، كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة سوسة- تونس
أ.د. أميرة عنيم، روائية وأستاذة باحثة بكلية الآداب - جامعة سوسة – تونس.
أ.د. ضياء عبد الله الكعبي، كلية الآداب- جامعة البحرين
أ.د. أحمد ويس، كلية الآداب- جامعة البحرين
أ.د. لطيف زيتوني، الجامعة الأمريكية- بيروت- لبنان
أ. عالية ممدوح، كاتبة عراقية – باريس
أ.د.الطاهر رواينيه، مدير مخبر الشعريات وتحليل الخطاب جامعة باجي مختار الجزائر
دة.روفيا بوغنوط، جامعة أم البواقي- الجزائر
شروط عامة للبحوث
يدعو المختبر الراغبين في المشاركة إلى إرسال مقترحاتهم البحثية وفقًا للنواظم الآتية:
1- أن يتعلق البحث بموضوع المؤتمر، وألا يكون مستلا من بحث أكاديمي منشور أو قيد النشر أو أن يكون قد سبقت المشاركة به في فعالية علمية، وأن يتسم بالمنهجية العلمية ومواصفات البحث العلمي الرصين؛
2- أن تتراوح صفحات البحث ما بين 20 و 30 صفحة، مقاس (A4) ، وأن يكون خط المتن والعناوين (Times New Roman) بمقاس (14)، و (Times New Roman) بمقاس (12) في الهوامش؛
3- ترقم هوامش البحث كاملة، من أول إحالة إلى آخرها، وذلك في أسفل الصفحة مع الاكتفاء بكتابة إسم الكتاب والصفحة فقط، والحرص على ذكر عناصر التوثيق كاملة في آخر البحث باعتماد أسماء المؤلفين؛
4- تستقبل اللجنة العلمية للمؤتمر طلبات المشاركة والمداخلات وملخصاتها، وتبث فيها، وتُعلم أصحاب المقبولة منها بذلك، وتوجه دعوات المشارَكَة في موعد أقصاه 20 ماي 2022 .
5- ترسل المشاركات مرفقة بموجز السيرة ونسخة من جواز السفر، على البريد الإلكتروني لمختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف:
discoursystemes@gmail.com
تاريخ انعقاد المؤتمر يومي 13-14 يونيو 2022
استمارة مشاركة
(يرجى إرفاق موجز للسيرة الذاتية، مع الصفحة الأولى من جواز السفر.)
الاسم الكامل : ..................................................................
الجنسية : .................... رقم وثيقة السفر: .................... مكان صدورها: ....................
محل الإقامة : .........................................................................................................................................
الرتبة العلمية : .........................................................................................................................................
التخصص: .........................................................................................................................................
الوظيفة: .........................................................................................................................................
مؤسسة الانتساب: .........................................................................................................................................
عنوان المراسلة البريدية: .........................................................................................................................................
العنوان الإلكتروني: ...........................................................................................................................................................
الهاتف المحمول:
عنوان البحث
.........................................................................................................................................
محور البحث
.........................................................................................................................................ملخص البحث
.........................................................................................................................................














ما تبقى لكم على مائدة مستديرة


رواية الشهيد غسان كنفاني: ما تبقى لكم، هي تحديدا موضوع المائدة المستديرة التي سينخرط فيها طلبة وطالبات ماستر النقد القديم أنساقه ومناهجه، يوم 23 مارس ٢٠٢٢ في رحاب كلية الآداب بجامعة القاضي عياض بمراكش.
وإذا كان من الصدف أن تاريخها (٢٣ مارس) يذكر بلحظة من التاريخ المجيد للشعب المغربي، فليس من الصدف إطلاقا أن يكون هذا الموعد على مسافة سبعة أيام من يوم الأرض الذي يصادف ٣٠ مارس من كل عام.
تشكل الأرض مدار جميع كتابات الشهيد غسان كنفاني، وضمنها رائعته الجميلة: ما تبقى لكم التي تمثل بمعنى ما امتدادا لرائعته الأولى: رجال في الشمس، وفاتحة لرائعته الروائية أيضا: أم سعد.
وقبل أن تكون أرض فلسطين موضوعة مركزية في كتابات غسان كنفاني الروائية والقصصية والمسرحية والنقدية، والصحافية فوق أعمدة مجلة الهدف (مجلة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين)، فقد شكلت مدار الصراع بين العرب من جهة، والصهيونية والرجعية والإمبريالية. وهو ما يدل في المحصلة النهائية على أن القضية الفلسطينية، في مسارها الشامل وعثارها الأكيد، شكلت دوما لحظة مفصلية في تقاطع الوضع العربي مع الإمبريالية.
وقد نقول إن غسان كنفاني كتب بعض هذا الصراع من موقع الفئات والطبقات التي دفعت غاليا ثمن جميع الهزائم أمام إسرائيل والصهيونية. وبلغة اخرى، فقد حمل غسان كنفاني هذا الصراع المتراكب من واقعيته ووضعه على صعيد التعبير الروائي، أي على صعيد نسق الأدوات الجمالية الذي تواضع الناس على تسميته: الرواية.
وعن هذا الجمالي وعلائقه بالواقعي في رواية: ما تبقى لكم، ستلتئم المائدة المستديرة التي بادر إلى تنظيمها طلبة ماستر النقد العربي القديم -أنساقه ومناهجه يوم ٢٣ مارس ٢٠٢٢ في رحاب كلية الآداب بجامعة القاضي عياض- مراكش.


 

09 مارس 2022

الأدب والطعام بين الخصوصية والكونية

  يشكل الموضوع المعلن عنه هنا مدار حديث الأربعاء الذي سينطق به الزميل الدكتور عبد الكبير ميناوي في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش يوم 9 مارس ابتداء من الثالثة مساء في رحاب قاعة المحاضرات. وستتكفل بإدارة دفة الحديث الباحثة اللامعة فاطمة الزهراء وراح...


ومنطلق هذا الحديث كتاب أستاذ الرياضيات الشاعر سعد سرحان: ديوان المائدة (2014)، والذي يشكل إضافة نوعية ضمن الرأسمال الرمزي الذي أسهم الشاعر سعد سرحان في دروب الكتابة. وقوائم هذا الرأسمال الرمزي: حصاد الجذور (1994)، شكرا لأربعاء قديم (1999)، نكاية بخطاب ما (2004)، مراكش: أسرار معلنة (2008)، أكثر من شمال.. أقل من بوصلة (2013)...
وحين متابعة سطور ديوان المائدة، تستضيفنا الكتابة لوليمة أو مأدبة دسمة ومتنوعة الأطباق والأذواق، وقد صيغت بتوابل لغوية متألقة السبك ولامعة الحبك، من مكوناتها الإشارة بإبهام مستقيمة إلى النص المترابط...
الأدب وليمة وطعام الولائم شكل من الأدب وعنوان ثقافة شعب محدد ضمن شروط تاريخية محددة كذلك. ومعروف أن الثقافة الغذائية قسم من النسق الثقافي العام بالمعنى الأنثروبولوجي... مثلما هو معروف كذلك أن ثقافة الغذاء والطعام ثقافة مموضعة وخاصة ومحلية؛ ومقابلها توجد ثقافة غذائية معولمة اجتاحت الثقافة الغذائية المحلية، بل وغير من عوائد الطعام والإطعام والتغذية لدى الكثير من الأقوام والأمم، لدرجة صار معها بالإمكان الحديث عن: الإبادة الغذائية، مع ما تستتبعه من دلالة فيما يهم أسئلة الديمقراطية والسيادة الوطنية؛ إذ لا سيادة وطنية في غياب السيادة الغذائية والصحية وغيرها...

24 فبراير 2022

السينما المغربية بصيغة المؤنث Le cinéma marocain au féminin

 


الوجه والقفا: مشروع قراءة مزيدة ومنقحة في غلاف كتاب
قد يوائم استهلال هذا المنشور بالإشارة إلى أربعة أمور:
1 - الوجه والقفا من المصطلحات التي استعملها السيد بيير ماشري في القسم الأول من كتابه: دفاعا عن نظرية في الإنتاج الأدبي (1966).
2 - يشير الوجه هنا إلى صفحة الغلاف الأولى؛ أما القفا، فيشير إلى صفحة الغلاف الرابعة. والغلاف نص من أربع صفحات: اثنتان ممتلئتان (الأولى والرابعة) وثنتان فارغتان (الثانية والثالثة).
الغلاف نص قائم الذات ومستقل استقلالا نسبيا عن الكتاب الذي يشكل سترته. ومجموع الغلاف عنوان الكتاب بالمعنى الواسع للعنوان، وهو المعنى الذي نجده في كتاب شارل غريفل: إنتاج الفائدة الروائية la production de l'intérêt romanesque
3- الكتاب الذي نسعى هنا إلى إلقاء بعض الإضاءات على غلافه - عنوانه كتاب حديث الطبع والصدور: طبعته المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش لفائدة الناشر LIMPACT (مختبر اللغة والهوية ووسائل التواصل والتراث والثقافة والسياحة) وهو واحد من المختبرات النشيطة في رحاب كلية الآداب بجامعة القاضي عياض. وهو الكتاب ذاته الذي يشكل موضوع لقاء خميس القاضي عياض يوم ٢٤فبراير ٢٠٢٢ ابتداء من الثالثة مساء- قاعة المحاضرات بكلية الآداب بجامعة القاضي عياض. وفي هذه المبادرة ما يستحق الانتباه؛ فهي ترسيخ إضافي لخميس القاضي عياض كتقليد علمي جامعي؛ وهي احتفاء بمولود رمزي يماثل العقيقة التي تشكل احتفاء بالمواليد البيولوجيين؛ وهي قبل ذلك وبعده، أول مرة في تاريخ الكلية والجامعة يبادر فيها مختبر(وهو هنا مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف) إلى الاحتفاء بالمنتج العلمي لمختبر آخر( مختبر اللغة والهوية ووسائل التواصل والتراث والثقافة والسياحة)؛ وهو ما يفيد أن هذه المبادرة سابقة تاريخية غير مسبوقة.
صدر كتاب السينما المغربية في صيغة المؤنث بصفته المنشور الثاني ضمن سلسلة إيريس التي يشرف عليها الزميل الدكتور أيوب بوحوحو الأستاذ بشعبة اللغة الفرنسية وآدابها. ومن الجميل جدا أن الكتاب هذا استثنائي في حجمه ومتميز في طباعته؛ فهو من الحجم 21/21 وهو حجم قليل نادر؛ ولقد طبع فوق ورق ناعم صقيل من عيار 170 غرام وهو ورق ثمين ومكلف جدا.
4 - تضمن الكتاب خمسة عشر مداخلة أنجزتها أقلام مختلفة الانتسابات الجامعية ومتباينة الاهتمامات الأكاديمية؛ منها أقلام متخصصة في الدراسات السينمائية وفي حقل السمعي البصري؛ ومنها أقلام حشرت نفسها أو وجدت نفسها محشورة ضمن حقل لا هي منه في العير ولا في النفير. فماذا عن وجه هذا الكتاب وقفاه؟
لن يفوت المتأمل في غلاف هذا الكتاب الجماعي أن يلاحظ منذ البداية تناقضا بنيويا بين وجهه وقفاه: إذ صفحة الغلاف الأولى ممعنة في الحداثة إلى درجة السوريالية، في حين صفحة الغلاف الرابعة، بأشكالها وخطوطها الهندسية، مستنقعة في القدامة والتقليد. هناك طلاق بنيوي بين تصميم صفحة الغلاف الأولى وتصميم صفحة الغلاف الرابعة. وحدها صفحة الغلاف الأولى تعود إلى ابن البيضاء الذي عاش قسطا من حياته في بلجيكا: الفنان الرسام حميد دويب الذي تمت الإشارة فوق صفحة الغلاف الرابعة إلى أن رسم الغلاف من تصميمه، في حين لا يتحمل الرجل سوى مسؤولية صورة صفحة الغلاف الأولى.
فوق صفحة الغلاف الرابعة، وعلى خلفية أشكال هندسية ممعنة في التقليدانية، أربع فقرات مستوحاة من مقدمة الكتاب التي تكفل بها الزميل ذ. أيوب بوحوحو؛ ثم رمز المركز الوطني للبحث العلمي والتقني (CNRST)؛ وأسفل الصفحة رقم التصنيف الدولي المعياري؛ وعلى يمينها، ذكر لصاحب صورة الغلاف الفنان الرسام حميد دويب؛ وأخيرا، رمز مختبر اللغة والهوية ووسائل التواصل والتراث والثقافة والسياحة. وحق هذا الرمز أن يكون فوق صفحة الغلاف الأولى؛ أما وجوده هنا فوق الرابعة، ففيه نوع من تبخيس قيمته وترخيصها. وهذا لا يخفى حتى على المبتدئين في دراسة السيميائيات وأمور التسويق Markdting التجاري والتسويغ الثقافي...
ومثلما أن التناقض يشكل المنطق المتحكم بالعلاقة بين الوجه والقفا، فكذلك الأمر بالنسبة لكافة مستويات هذا الغلاف - السترة؛ إذ تتحكم بها ثنائيات ضدية: الذكورة/ الأنوثة، الخشونة/ النعومة، القدامة/ الحداثة، الغموض/ الوضوح، الحجز/ الاستشراف، المعتم / المضيء، إغلاق الأفق/فتح الأفق والتطلع إليه، الجديد/ القديم، السلطة/ الاحتماء بالسلطة.
وفي الإمكان مقاربة هذه الثنائيات الضدية من خلال ألوان صفحة الغلاف الأولى ومكوناتها اللفظية linguistiques وكذا من خلال دليلها الإيقوني signe iconique وقوامه صورة الغلاف التي أنجز رسمها الفنان حميد دويب، والتي تحمل الكثير من الآثار السوريالية والفلامندية (بلجيكا).
يلاحظ المرء فوق صفحة غلاف هذا الكتاب:
أولا. رمز جامعة القاضي عياض وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش. ويومئ الرمز هذا إلى سلطة مؤسسية ومؤسسة: السلطة الجامعية موطن وحمى مختبر اللغة والهوية ووسائل التواصل والتراث والثقافة والسياحة.
ثانيا. العنوان بحصر المعنى، أي الدليل اللساني الدال على موضوع الكتاب ومجاله: السينما المغربية بصيغة المؤنث. الشق الأول من العنوان (السينما المغربية) كتب باللون الأصفر الدال على الثراء والخديعة والغش والابتسام المتصنع الذي لا علاقة له بالفرح الحقيقي...وهي جميعا معاني ودلالات وثيقة الصلة بالسينما؛ أما الشق الثاني منه (بصيغة المؤنث) فقد كتب بخط شبه يدوي وبلون وردي. والوردي نسائي بامتياز ومن دلالاته الرقة والنعومة والأنوثة والبهجة والسعادة والفرح والإبداع والتميز والإلهام والرومانسية والحب والمودة والتوافق والانسجام والتناغم والاقتراب من القلوب والوصول إليها.. لا بل اقتحامها والسطو على شغافها. باختصار، يدل الوردي على حضور أنثوي جارف يتناغم مع صورة تلك الأنثى المتطلعة للأفق البعيد والمشرئبة بنظرها إلى ما وراء اليد الخشنة التي تعلو النظر والبصر...
ثالثا. الإشراف على هذا المصنف الجماعي يشير إلى ثلاثة أسماء قد يبدو ترتيبها خاليا من القيمة، لكنه يتضمن الكثير من القيم: فالاسم الأول (أيوب بوحوحو) قديم في الحقل الجامعي وصار يشكل سلطة رمزية لها رأسمال رمزي محترم؛ أما الاسمان التاليان له (معاد أدهم وعبد العزيز عمراوي) فهما حديثا العهد بالحقل الجامعي ولهما رأسمال رمزي يتواءم مع حداثة عهدهما بهذا الحقل. ومن دلالات وجودهما هنا بالذات الاحتماء بالسلطة الرمزية للقديم والسابق في الحقل، أي احتماء PH بسلطة PES، احتماء الجديد بالقديم، احتماء الرأسمال الرمزي المتواضع بالراسمال الرمزي المحترم...
رابعا. تدل الإشارة الواردة أسفل يمين صفحة الغلاف الأولى على أن الكتاب صدر ضمن سلسلة إيريس وأن تاريخ إصداره هو السنة الجارية (2021). وسنعرف من خلال الجينيريك أن الأمر يتعلق بالطبعة الأولى وبسلسلة يشرف عليها ويديرها الزميل الأستاذ الدكتور أيوب بوحوحو...
خامسا. في خلفية جميع هذه المعطيات، تبدو صورة الغلاف مثيرة ومستفزة بطريقة رسمها وبألوانها المعتمة والمضيئة. في الصورة وجه أنثوي يتطلع إلى الأفق البعيد ويستشرف زمنا ممكنا ويطل على ما قد يأتي و قد لا يأتي. من الأكيد أن تلك العيون المتطلعة أنثوية. ومن الأكيد كذلك أن الشفاه والملامح أنثوية. ومن المؤكد ايضا أن الوجه برمته أنثوي. لكن ما شأن تلك اليد الخشنة والشاحبة ذات التجاعيد الوقحة؟ إنها ليست أنثوية بالتأكيد. فما هكذا تكون أيادي النساء... وما هكذا تكون أيادي النساء الورديات الناعمات... وما هكذا تكون أيادي النواعم الورديات المشتغلات في الحقل السينمائي والمنشغلات به...
من المحتمل جدا أنها يد ذكورية... أقول ذكورية ولا أقول رجالية، لأن الذكور كثر أما الرجال فقليل. والعهدة على صاحبي السيد بيير بورديو في حديثه عن الهيمنة الذكورية. وانسجاما مع ذلك، هل توائم مقاربة تلك اليد بصفتها تلميحا للسطوة الذكورية التي تعوق تطلع الإناث في السينما، كما في كافة مناحي الحياة، إلى ما هو وردي وجميل ودافئ وبهيج وسعيد وناعم ومتناغم ومنسجم...؟ ما معنى أن تعلو الخشونة النعومة؟ وما دلالة أن تكون الخشونة فاقعة اللون والنعومة داكنة الملامح والسحنة لدرجة تجعلها قاب قوسين أو أدنى من الاختفاء والامحاء؟ هل في لعبة الألوان (الداكن/ الفاقع) ما قد يحمل إيماءة أو إيحاء connotation بالسطوة الذكورية الخشنة التي ألحقت وتلحق الكثير من الأذى بالنواعم الورديات؟...
قد يتناسل عديد الأسئلة ويتوالد عبر تأمل هذه الصورة السوريالية الفاتنة. وهي مثل الكثير من رسومات الفنان حميد دويب: لا شيء فيها سوى الأيادي والأجساد. والرسام حميد يتقن بدقة هندسية متناهية الاشتغال على لغات اليد والجسد بالرغم من أن رسم اليد من أصعب الأمور في الرسم. ويبدو في هذا الرسم الحاذق كيف يتم تشخيص عمل الفنان، أي الكيفية التي تجعل المشاهد أمام عمل فني يعلن عن نفسه بصفته فنا. وليس الفن هدفا بذاته، وإنما الاشتغال على اليد والجسد يبغي هدفا محددا قد ندعوه دمقرطة الفن... الفن المتوجه نحو الجميع والذي يمكن الجميع أن يدركه بصفته فنا. وبرغم ما يمكن أن يكون لليد هنا في هذا الرسم بالذات من إيحاءات سلبية، فاليد عموما، وأيادي الفنان الحاذق حميد دويب تساعد على اللقاء مع الزمن. ومعروف وفق أطاريح السيد جيل دولوز أن السينما فن زمني بامتياز...
تلكم بعص الارتسامات الأولية التي بدت لنا ونحن نحاول تصفح هذا الكتاب الذي أهدانا - أنا والمختبر- الزميل الأستاذ أيوب بوحوحو نسختين منه؛ وهي ارتسامات لا تجد في نفسها كفاءة ادعاء القدرة على البت النهائي في النص الذي تعاطت معه؛ إذ النهائي لا وجود له في التاريخ... وحسب تلك الارتسامات أنها أولية ونسبية... ولكم واسع النظر...
عن مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف


18 فبراير 2022

جابر عصفور المنهج والمنهجية في قراءة التراث النقدي


يثابر ماستر النقد القديم أنساقه ومناهجه على صناعة باحثين حقيقيين، ليس همهم الحصول على نياشين المعرفة الجامعية التي تسمى شهادات؛ وإنما يطمحون إلى الانخراط الفعلي في أسئلة الشعب والوطن التي يعرفها الجميع تحت عنوان: التنمية الإنسانية.

وفي أفق تقديم أعمال هؤلاء الباحثين الحقيقيين للقارئ، الهاوي والمتنور، انخرط مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف في تحضير سلسلة من البحوث العلمية تحمل اسم: مشاعل القاضي عياض؛ وهي توأم ومتمم السلسلة التي أصدرناها سابقا تحت اسم: منارات القاضي عياض.
وهذا الكتاب في الأصل رسالة جامعية تقدم بها الطالب الجاد والطموح المصطفى سعود لنيل شهادة الماستر تحت إشراف الأستاذ القدير الزميل مولاي يوسف الإدريسي؛ إذ أشرف على هذا البحث حين كان هنا (المغرب) وكتب مقدمته من هناك (جامعة قطر)؛ وهنا وهناك، يظل الأستاذ الإدريسي ذاك الباحث المنشغل دوما بتجديد السؤال في مدارات البحث العلمي الرصين؛ ويظل دائما في ذاك الموقع الشرفي الذي تسمح به مؤسسة الإشراف والذي يسمح بدوره بحيازة قصب السبق في الكلام والكتابة ضمن هذا الموقع الشرفي الذي تواضع الناس على تسميته: الخطاب المقدماتي.

والكتاب في صيغته الراهنة، يطمح إلى الانخراط ضمن أفق علمي معرفي يشدد على قيمة مشروع المرحوم الدكتور جابر عصفور في قراءة التراث النقدي والبلاغي عند العرب وفق منهجية نسقية تقارب تنوعه وغناه، وتفتش في فاعليته وقوة علائقه براهن المعرفة ومستقبلها.

وإذ يشتغل هذا الكتاب على سؤال المنهج والمنهجية في جابر عصفور للتراث النقدي العربي، بوصفه واحدا من الأسئلة التي تحكمت بمشروعه العلمي وشيدت إشكالاته الكبرى؛ فهو ينطلق بدوره من مجال استفهامي عريض وشائك: كيف قرأ الفكر النقدي الحديث والمعاصر خطاب النقد العربي القديم؟ ما الأدوات النظرية والآليات المنهجية التي تمت بها مساءلة هذا التراث؟ هل لقراءة جابر عصفور ما يميزها عن سائر القراءات؟ وما طبيعة هذا التميز؟ ثم ما طبيعة الأسئلة المنهجية التي اقترحتها قراءته؟ وما نسق الآلات النظرية التي توكأ عليها في القراءة والمقاربة والتأويل؟

2018 حصاد