30 مارس 2021

جائزة الإبداع الطلابي زمن كوفيد 19 - د.يوسف الإدريسي



في الأصل كان الحلم ... وقبل البدء-قبل كل بدء .. كان الحب ... الحب الحقيقي الذي لا نعثر عليه... ولا يمكن أن يوجد ويحيا في التراتيل ووصايا الوأد والحروف الراسخة في عقد التعويض واستيهامات خريف العمر... الذي سيظل متأخرا عن العمر حتى ولو أضيفت إلى عمره أعمار مضاعفة... لكونه يخلف دوما موعده مع الحلم ووعده للحب... الحب الحقيقي طبعا... الذي لا يقبل أن يتخلق وينمو ويكبر ويتكبر إلا في رحم الحلم ... إدراكا منه ... أن الإنسان أصلا ... نزل -كما تقول الحكايات الدينية ... والقصص الأسطورية... وكما تؤكد الأنثربولوجيا- من جنته الأولى ورحمه الدافئة ...إثر لحظة حب راسخة في الحلم ... فكان مصيره أن يبحث باستمرار عن حلمه الأول ... وحبه الأبدي الراسخ في النفس والفؤاد... والذي انفلت منه مثل صبي تاه في بحر من الزحام...تاركا له بعضا من الأحلام... وكثيرا من الأماني التي تتطلع إلى لحظة لقاء جديد للبوح بها...فكانت الرحلة في سماوات الحياة والإبداع والفكر وفاء لذكرى طفل علمنا معنى الحلم وربانا على أن نضبط نبض القلب وخفقان الفؤاد على الحب والوفاء للشغب الجميل الذي يهدي الكبار إلى سبيل الرشد الطفولي الضائع في الزحام ...

تعلمنا ذلك وقد صرنا كبارا... وتمسكنا به وقد أصبحنا أساتذة نتعلم بكل روح طلابية من طلبتنا ... الذين رأينا فيهم جميعا طفلا شبيها بنا ... يحمل بعضا من تقاسيم الروح... وكثيرا من أحلام الفؤاد...التي تصدح بانتصار الحب والجمال على كل الجوائح التي تستجعل الرحيل وتعلن دنو ساعة الخراب الأخير...
ولأننا تربينا على الإصغاء أولا ... الإصغاء دائما...لأحلام الطفل الساكن فينا... ولشغب الطالب الماثل في فكرنا ... وشرودنا ... كنا دوما نعود إليه ... لنصغي ونتعلم في حضرة هواجسه ... وبسماته ...شغبه المعرفي والجمالي ...والطلابي أيضا الأصل الأصيل للحلم ... والقيمة السرمدية للحب ... الحب الراسخ في النفوس والأفئدة...حتى يبقى الطفل العابر في النفوس... والطالب الراسخ في الوجدان... حيا فينا ... ونظل أحياء به ... وبأحلامه ... الجميلة والمتجددة...
لذلك فحين أعلنا -في عز الجائحة - عن تنظيم جائزة للإبداع الطلابي زمن كوفيد 19 ... كنا نبغي من ذلك- وفضلا عن الأهداف التربوية والأكاديمية والجمالية المعلنة- التأكيد أننا ازددنا يقينا، على الأقل في الجامعة، بقيمة الطالب ودوره المحوري في العمليات التعلمية، وكذا البرهنة - موقفا وسلوكا- بأن المنعطفات التاريخية التي تصنع فيها النماذج الإرشادية Les paradigmes الجديدة تتدخل فيها كل الأصوات المجتمعية...ومعطيات الكل الاجتماعي ... لتبلورها... وتشكل كثيرا من قسماتها...وملامحها...
فهنيئا لكل الطلبة المشاركين على المستوى الرفيع الذي عبروا عنه ... في تمثل اللحظة والتعبير عنها... والبوح بكثير مما لم ... ولن يستطيعه المنظرون الفاقدون لبوصلة الحب... ووهج الحلم ... الحب الحقيقي طبعا الذي لا يحيا في غير عالم الحلم ... وملكوته الساحر ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

2018 حصاد